في حكايات المتزوجين يروى الكثير عن بخل الرجل ويربط ذلك مباشرة بتقتيره وشحه في المصروف وحبه للقرش اكثر من نفسه وزوجته.
لكن الدراسات الحديثة لم تعد تربط بخل الرجل بجيبه فقط، بل بقلبه، وبدل ان يقال: «لا يعيب الرجل سوى جيبه»، اصبحت المرأة تتنهد وتقول: «لا يعيب الرجل سوى قلبه»! فبخيل القلب يشح بعواطفه على زوجته ويقتر عليها بمشاعره ويضع بين قلبه وقلبها جدارا منيعا متذرعا بالرجولة والهيبة والسيادة والوقار.
ان البخل الحقيقي لدى الرجل ليس في جيبه، بل في قلبه وعواطفه التي لا يستطيع التعبير عنها بالطريقة التي ترضي مشاعر المرأة.
فيحرمها بالتالي من الغذاء النفسي الذي تعتمد عليه لاشباع مشاعرها الانثوية، مما يؤثر على صفاء العلاقة الزوجية واستقرارها.
ان بخل الجيب من الممكن علاجه من خلال تنبيه الزوج الى الآثار السلبية لتقصيره المادي تجاه زوجته واولاده، خاصة انه المعيل الاول وربما الوحيد ومن يتحمل مسؤولية أسرته المادية كاملة، فيضطر للتخفيف من تقتيره، اما بالنسبة الى بخل العواطف والمشاعر، فالموضوع اصعب بكثير لأن بعض الرجال يعتبرون الخوض في هذا الموضوع هدرا لرجولتهم وهيبتهم داخل الاسرة.
فاقد الشيء لا يعطيه
مقولة «فاقد الشيء لا يعطيه» بحيث يركز على طفولة الرجل وتنشئته المبكرة، فإن لم يحصل في طفولته على كم معين من العاطفة، فكيف له ان يمنحها لغيره او ان يشعر بمقدار حاجة المرأة اليها؟
من هنا يفترض بالزوجة ان تتعرف جيدا على صفات زوجها قبل ان ترتبط به جديا، وصفاته تشمل تربيته وحسن خلقه وعطاءه وليس كمية المال في جيبه او العقارات المسجلة باسمه، والا صدمت به بعد الزواج واكتشفت شخصية اخرى غير التي ارتبطت بها.
قد لا يحسن التعبير
وهناك راي اخر ان معظم الرجال يمتلكون كما هائلا من المشاعر الجميلة، لكنهم للاسف لا يمتلكون القدرة على التعبير عنها بالشكل الواضح والمطلوب من الزوجة.
فالزوجة في هذا المجال تفضل اساليب التعبير المباشر، والكلام الجميل الرقيق الذي يدغدغ الفؤاد، بينما الرجل يعبر عن ذلك بتصرفاته ومواقفه التي يحسبها من رجولته وسيادته على اسرته وطريقة التعامل التي اكتسبها من والده ومجتمعه الذكوري، وهو الامر الذي يضاعف المشكلة ويوسع الفجوة بين الطرفين.
ربما أناني ونرجسي
اما اذا كان هذا الزوج قادرا على التعبير عن عواطفه ومشاعره لاشخاص معينين مثل والدته واخواته، في وقت يبخل فيه على زوجته، فتؤكد الاختصاصية احمد انه زوج اناني ونرجسي يحب نفسه ولا يفكر سوى في ارضائها من دون ان يكترث بمشاعر شريكة عمره، تعاليا منه عليها لأنه يظن انه افضل منها، ولأنه لا يرى فيها سوى امرأة مطيعة وجدت لتضحي بنفسها ومشاعرها من اجل اسعاد اسرتها. شخصية هذا الرجل لن تصدم زوجته فقط، بل ستصدمه هو ايضا عندما تكتشف زوجته ان العيش معه تحت سقف واحد غير مرغوب فيه، لأن التي اختارها لترعى شؤونه وشؤون اولاده، ترفضه قلبا وقالبا.
عيب نفسي
انه من الممكن احيانا ان يعود بخل قلب الزوج وعواطفه الى خجله وضعف ثقته بنفسه، فربما يكون قد تربى على مفهوم «العيب» والرصانة لدرجة جعلته قليل الثقة ببعض المواقف، ولا يعرف كيف يفرق بين ما هو عيب ومخجل، وبين ما هو طبيعي ومطلوب في اسلوب التعامل مع من حوله، خاصة زوجته.
فكيتشف فجأة وبعد فوات الاوان، انه رغم قيامه بواجباته الزوجية، فشل في ادارة شراكة عمر سليمة وخالية من المشاكل النفسية.
«حمش» في غير مكانه
ان الرجال، في غالبيتهم الساحقة، يتمسكون بمفاهيم بالية يفترض ان يكون قد عفى عليها الزمن، وآن الاوان لأن يتخلوا عنها تماشيا مع متطلبات العصر الحديث، وهي «الحماشة»، حيث يظن الرجال انها مرتبطة ارتباطا وثيقا برجولتهم، دون ان يدركوا انهم يترجمونها بحسب ما تمليه عليهم اهواؤهم وتكون النتيجة جحودا في المشاعر وتصلبا في عواطف القلب والتقتير بها تجاه الاسرة، خاصة الزوجة، خوفا من افتقادهم لصفة «الحمش»، علما ان الرجل «الحمش» هو الجريء الذي يمتلك قدرة كبيرة في التعبير عن مشاعره واحاسيسه ويقدر المرأة حق قدرها ويعرف ماذا تريد من الرجل وكيف عليه ان يرضيها.
نصائح للمرأة
* شجعي زوجك دائما على الاخذ والعطاء. جودي عليه بالعواطف واشحنيه بالمشاعر وكرري المحاولة بلا كلل ولا ملل لكي يلين ويعطي.
* علميه الكلام ودربيه على البوح به شيئا فشيئا وارضي بالقليل بداية حتى تظفري بالكثير في النهاية.
* ان كان «حمشا» ولا يتنازل بسهولة، عوديه على المعاملة بالمثل، وانتزعي منه اعترافا ولو داخل جدران غرفتك فقط.
* ان كان خجولا تجرأي عليه ليتجرأ عليك، لكن دون ان تقطعي سبل الاحترام بينكما، والا زالت انوثتك واهتزت رجولته، وسيكون تأثير ذلك سلبيا جدا على حياتكما وانسجامها